الثلاثاء، 1 أبريل 2008

السينما السرية





اطلقت بعض الحركات التجريبية هذه التمسية على سينماها. لست الان بصدد هذه الحركة. كنت قد بدأت بقصة قصيرة بهذا العنوان ( السينما السرية ). وحين شعرت بأن القصة قد تحولت الى خطاب فكري قررت كتابتهاعلى شكل بيان سينمائي. لاحاجة الى الكلام عن فشلي في كتابة البيان ايضا . لكني تذكرت طرحي في القصة والمقال لإقتراح يخص إشتغالات هذه السينما، كمثال. اشعر ان فكرة المثال مازالت تلازمني. قلت ، يجب البحث والحصول باي طريقة على اناس يرغبون في الانتحار واقناعهم بكل وسيلة بالموافقة على تصويرهم وهم ينهون حياتهم. بدل ان يتركوا رسائل ورقية باهتة تفسر اسباب الانتحار او توصي بشئ او حتى تلك الوداعات المقرفة التي يخلفونها من اجل إلقاء الذنب على احدهم كأنتقام او من اجل استدرار الشفقة حتى وان كان الثمن خسارة الأنفاس الذهبية ... لكن من اين سأحصل على منتحرين من دم ولحم. طرحت فكرة محاكاة المثال على صديقتي. لكنها طلبت مني ان اهدأ قليلا واكف عن متابعة اخبار حرائق العراق. فهي تعتقد ان صور الموت اليومية اثرت على دماغي. كانت لدينا كاميرا فيدو منزلية. قلت لنحاول انا وانت ان نعيش احاسيس هذه التجربة.

بعد حوار مقتضب وافقت وهي ساخرة أن تلعب دور المنتحر و اقوم أنا بدور المصور. اخترنا الحمام. طلبت منها ان تتعرى تماما وتجلس على مقعد المرحاض. فكرتْ بأنها ستمثل مشهد قطع وريدها وهي جالسة ً على هذا المقعد . لكني اقترحت عليها أن تخنق نفسها بكيس من البلاستيك تربطه على عنقها. كنا نرتب التفاصيل ونحن نضحك ونثرثر حول طريقة الإنتحار. بالتأكيد لن يكون الامر كذلك مع منتحر حقيقي. رغم اني مدرك في الحقيقة، بانه حتى المنتحر الجاد سيبتسم ان تدخلت بملاحظاتي الاخراجية ووصفت له بعض الحركات الضرورية لينهي حياته بطريقة خلاقة. اكيد ان الكاميرا التي يقف خلفها المصور والمخرج ستضفي على الاجواء شيئا من الهزء و المرح. وحين وضعت صديقتي رأسها في الكيس حلت لحظة صمت. لقد اصبح عريها للحظة غريبا بالنسبة لي تماما وكأني أرى جسدها للمرة الأولى. لقد إزداد غموض جسدها حين انحنيت لمشاهدة الصور من خلال حدقة الكاميرا. بدت كأنها تستحق الموت. لقد كان عريها مخزيا وبدا راسها في الكيس كأنه قبعة مهرج. يمكن الافادة في هذه الحالة كثيرا من كاميرات الشوارع عند الاشارات الضوئية او الأخرى في واجهات البنوك والمحلات خاصة وإن كانت الناس تعيش في مرحاض للموت اسمه العراق. يمكن انجاز سينما سرية مدهشة ومخزية في أن واحد. انت كاذب ومنافق وسفاح من ورق. لو كنت لحظتها امام صديقك ( كورش قادر) هل كنت ستسمح له بأن ينهي حياته وهو أمر فعله. لكنتَ تشطر السماء الى نصفين كي لا يترك رقبته للحبل والظلام. انا خائف يا اصدقائي. انا ارتجف. خلي وصاحبي ( كورش )، لقد طواك ظلام الليل فلا تسمعني !

ليست هناك تعليقات: