الأحد، 6 أبريل 2008

رسائلي العارية الى حسن بلاسم ...2




1 حزيران
إنشغلت البارحة واليوم بكتابة النص المرفق. أكيد أنه بحاجة الى قراءة غير سريعة. وأنا رغم التجارب لا أزال أجهل كيف هو تبسيط هذا النوع من الكتابة. في الحقيقة هي لاتحتاج الى خلفية معرفية كبيرة بل مجرد ذخيرة بسيطة مما يوفره العصر. المهم أن لا أخيب ظن أقلية باث ! أرجو أن تخبرني بموعد التوجه الى ( الصومعة ). كتبت البارحة الى سركون بولص بعد أن قرأت له قصائد جديدة في ( كيكا ) وشاهدت بروفيله هناك أيضا. أخبرته بأنه سرق بورتريه دوريان غري وأخذه معه الى سان فرنسيسكو ! أنا أعرفه جيدا : سيؤجل الجواب خمس سنوات على الأقل ! أخبار البلاد هي توغل مرهب تال في حمامات الدم وفي سوق النخاسة السياسية. أكيد أن المساومات ستطول ولايهم هؤلاء ما يحدث أثناءها من تصاعد هذا الجنون الذي لم يعرف تأريخنا المعاصر مثيلا له. أتمنى أحيانا أن يسرعوا في تقاسم الغنائم من أجل الحفاظ على أرواح الناس. لا أعرف كيف الخروج من مثل هذه الحلقة المفرغة التي هي من إختراع شيطان آخر غير التقليدي.
11 حزيران
آمل أنه قد وصلتك السيورانيات الجديدة ( أظنها ثلاث مقابلات مع سيوران زائد ترجمة نص عن طائفة المنبوذين - المهاجرين ، من كتابه " غواية الوجود " ) . آمل أيضا أنك قد وصلت الى ( الصومعة ) مملكتك الصغيرة - الكبيرة للوحدة العذبة ! ما زلت مشغولا مع سيوران الذي فرض عليّ سلطة غير مرئية كي لا أعمل شيئا عدا الإنقياد الى كل هذا السحر. من وقت الى آخر أكتب أشياء أخرى وأعمل رسومات وأمضي برفقة البحر الذي كما يبدو دخل في صفقة سماوية مع الشمس : الطقس هو " جنوبي " منذ أيام. وصلني رد من سركون بولص على رسالتي التي كنت قد بعثتها قبل بضعة أسابيع. المسكين كان في المستشفى وبالضبط في غرفة العمليات. إرتفعت عاطفته كثيرا بسبب رسالتي التي ذكرته بأيام بغداد ( كنت قد كررت عليه مرة نصيحة كامي بأن ليس من الحكمة أن يعمّق الإنسان عاطفة ما ! ). ذاكرة سركون من النوع الصاعق : ذكرني ببعض أقوال صديقنا نزار عباس ، بل قال إنه يتذكر أين بيتنا بالضبط في بغداد ! :
[ ... وبالمناسبة، أنا أستعد الآن للسفر الى ألمانيا بعد يومين. سأبقى في أوربا أربعة أشهر: قراءات في هولندا، فرنسا، وربما السويد...وسوف أحاول أن أراك بالتأكيد.
أتعرف يا عدنان ؟ حين قلت أن نزار لم يعد بيننا، بكيته حقاً. كان نزار في ذاكرتي رمزاً لكل ما هو أصيل، كاره للكذب، متحضر الى أقصى درجات التسامح، وأعظم متحدث ملئ بالمرح والسخرية في نفس الوقت. أتذكر أنه مرة كتب يقول، أن من يقرأ سفر أيوب ولا يبكي يستحق أن يتوّج ملكاً للغباء.
إلهي، كم من الحديث ينبغي أن يقال، وكم من الجميل أن يقال وجهاً لوجه. كن بخير يا عزيزي عدنان، ولنبق على اتصال حتى نلتقي. ]
وبهذه الطريقة الماكرة رحت أنا أيضا ضحية صغيرة لموجة عالية من العاطفية ! أرسل بعض الرسوم التي جاتني أفكارها الأولية وأنا راقد على الرمل الساخن لبحرنا ...
14 حزيران
ترددت في كتابة هذه الرسالة خشية أن تجرح وحدتك التي آمل أن تكون بصفاء غابتك ، ولربما عذريتها أيضا .أكيد أني أحسدك على مثل هذا التوحد ، وإذا كنت قد حققته أي أنك الآن في غابتك ( على الأكثر أنت هناك. فصمتك الإيميلي شبيه بصمت الكون على نداءات الأرض ! ). كما أخبرتك إنشغلت ، ولا أزال ، بسيوران. أقرأ في ( غواية الوجود ) وأثابر على ترجمة الحوارات معه. أكيد أنك تشاركني الرأي بأنها ممتعة وتقربنا أكثر من صديقنا. أبعث اليوم بالحوار الذي أنهيته قبل قليل. وإذا توقف مفعول مغناطيس البحر والشمس فسأنهي الحوار التالي ، وهو طويل أيضا ، خلال الأيام القلائل القادمة. أكتب الآن قليلا. ربما بسبب سيوران والبحر. كذلك بسبب العراق الذي تحول تماما الى طابق حقيقي من طوابق الجحيم. الكل هناك يحلم بالعيش في بلد آخر. فلا أحد من البرابرة القتلة يريد حلا وسطا.
26 حزيران
أرجو أن تكون ناجحة هذه العزلة وأن نعرف ثمارها في القريب. كما أخبرتك صرت مشغولا بترجمة سيوران. فمقاومة هذا السحر هو فوق طاقتي. الترجمة المرفقة أجدها من بين المقابلات الأكبر في الأهمية والإثارة أيضا. في فترات الإستراحة ألجأ الى الرسم وقراءة كتب قديمة من جديد. إنها تجربة مؤلمة : إكتشاف المدى المريع لضعف الذاكرة. ما العمل ، كل هذا وغيره هو عقاب ينزل علينا من دون ذنب ، فلسنا نحن من سجن الأنا في مثل هذه الأجساد الهشة التي سرعان ما تصبح قبيحة خربة لا تفصلها غير مسافة صغيرةعن الحفرة الأخيرة. بالطبع يكون الصغر والكبر من ( مؤكدات ) العالم الآخر - الإفتراضي الذي تدورحوله شائعات قوية مفادها أنه هو الفعلي حقا - في " إغراء الوجود " لسيوران نص صغير ، ويمكن معاملته كشذرة ، عن الجسد أظنه أقوى بكثير في مجال التعبيرالأدق ، مما كتبه سارتر عن ( الجسديات ). آمل أن أترجمه في القريب. الغريب أن مشاعر الغيظ والسويداء البودليرية تداهمتني بالتناوب عند قراءة تلك النصوص التي تكشف شراسة وغدر الزمن. لولا سيوران وباخ و شيستوف وكيركيغورد لكان حزيران أقسى شهورالسنة وليس نيسان الإليوتي...
29 حزيران
حزيران على وشك الرحيل. لا أعرف كيف هي الحال في غابتك - غابة السماء السابعة ، وإذا كانت هي سماء وحدة حقيقية فليس من المستبعد أن كاثارسيس فعلية ستبقيك هناك ! بالطبع أنا أتمنى لك نهاية العراك مع هذا العالم الأحمق. لا أريدها من نوع الهيبي إند الأميركانية مثلا ، بل ( بلورة ) أخرى لكل هذه العذابات.
5 تموز
أنا لا أشكو من غياب الرفقة الطيبة. معي سيوران طيلة الوقت. كما أخبرتك كان هو من دلني على شيستوف. في الحقيقة كنت أعرفه من قبل وخاصة بعد مطالعاتي لما كتبه تشيسواف ميووش عن هذا الروسي المعجب الى حد العبادة بإثنين من الأقربين : كيركيغورد ودوستويفسكي. أخبرتك أيضا بأني أقرأ كتابه عن كيركيغورد والفلسفة الوجودية. الكتاب ذو نهج أصيل ، وعلى أكبر إحتمال كان شيستوف أول من قام ببحث مقارن مكرس لدوستويفسكي وكيركيغورد. كتاب ثمين رغم أسلوبه الأكاديمي ، وأعترف بأنه أتعبني ، نفسيا ، قليلا خاصة أنه تخلل قراءاتي وترجمتي للحوارات مع سيوران الذي يطرح بذاك الأسلوب النثري الجذاب أكثر الثيمات تعقيدا.
22 تموز
قبل قليل أنهيت ترجمة حوار آخر مع سيوران وهو يختلف عن البقية . فمحاور صديقنا هذه المرة لم يخلع ، ولو لحظة واحدة ، نظاراته الوردية ، بل خيّل لي أحيانا أنه كان يزمع جرّ هذا المعذب الى جنة الإلتزام و رؤى المستقبل الوضّاء ! بالطبع لم أكن خائفا على سيوران الذي كما تعرف كان يجيد تحصين قلعته .
26 تموز
وصلت الى نهاية القصة الجديدة . أعترف بأني ترددت طويلا : لماذا بغداد كطاولة تشريح لفكرتي الثابتة عن فلسفة المصادفات ؟ لا أعرف هل هي قصة ناجحة رغم أني قمت بمزج بضع تقنيات. أكيد أن هذه المذابح اليومية تلقى بظلها المقيت على سبل تفكيرنا - السبيل السيوراني خاصة . لم أفلح في إنهاء ترجمة أخرى لحوار مع سيوران أقامه معه هذه المرة فرانسوا فيجي وهو فيلسوف من أصل مجري سبق أن كتب عن سيوران. كما يبدو لم يكتف سيوران ب( هرطقته ) ويأسه من الفراغ واللامعنى والتأثيرالمزعوم للرب ، فهو في هذا الحوار يصدم بصراحة ، وأظنه كان عامدا فيها ، أنصار السلوك المؤدب والعفة ! أنا أشعر بمتعة كبيرة حين أترجم سيوران وبورخيس خاصة. غالبما يخيل لي بأني كنت حاضرا حين مارسا الكتابة والكلام... أيام هذا الاسبوع أضاعها المطر وغيومه التي تحاصر السماء ليل نهار. ناس الشمال محقون عندما يتحولون في الصيف الى قبائل رحّل صوب الجنوب...
26 تموز
في الحقيقة أنا لا أستغرب رفض المجلة لنصك، فهكذا هي تابواتنا ، ولم يتغير الكثير منذ زمن ( قصائد عارية ) لحسين مردان رغم أنها لم تكن عارية تماما. وأنا أشك بأنهم لا يعرفون جلية الأمر أو تنقصهم الجرأة. فما يوقفهم عن نشر الهرطوقيات و" الخروقات " هو ( العقل السليم – الحس العملي)... كما أنهم يعرفون الحساسية المرضية العربية - الإسلامية إزاء الجنس والأخلاق بل وحتى الأفعال الفيزيولوجية الإعتيادية. أليست الكلمة المقدسة أكثر من غيرها هي ( الحرام ) ! وبعيدا عن لعبة التنبؤ ستبقى الطليعة عندنا، وأقصد الحقيقية بالطبع ، قابعة في هامشها لأكثر من قرن. إنها معركة خاسرة معهم. لكن ما يقلل من هذه الخسارة أن هناك الآن النشر غير الورقي. وقبل أن أكتب هذه الرسالة عدت الى نصك وقرأته مرة أخرى. لاشيء فيه غير واقعي لم يلتصق بالحياة الفعلية. وصديقك يعرف ذلك جيدا إلا أنه ملتصق أيضا لكن بالحياة ( الخارجية ) ، تلك المحفورة عميقا في الإثنين معا : الوعي واللاوعي ...
28 تموز
لم افتح رسالتك والنص إلا في هذا الصباح. الرسالة هجمة أخرى عليك من طرف تلك اللعنات الأبدية. وكل هذا مفهوم وقائم بهذه الصور الشبحية ، لكن لنأخذ بكلمة سيوران الحكيمة عن الكتابة كفعل من أفعال ( التحرير) ، ذاك التحرير الذي هو سرّ غير مباح للكل... أرجو أن لا تغلق الباب. وهو أمر لايخلو من الخطورة حين لانضع الحدود والفواصل بين هذه القضايا وتلك. عد يا صديقي الى همومك كفنان وكاتب وشاعر. فبدونها يتحول الشعور المقدس بالفراغ الى آخر آصم غير آبه بالعذاب الحقيقي. أنا أتفق معك بأن لهذه الحياة فصولا مضجرة لكن لا أهمية لهذا الأمر طالما إخترنا طريقا آخر تجهله هذه الملياردات... أنا أشعر طيلة الوقت بأني من صنف الحرفيين الذين يؤدون عملهم بصمت وتواضع رغم الضجيج المحيط بهم. وليس الذنب ذنبنا حين لم نعثر على سلاح أو وسيلة للمقاومة غير نقر حروف الكومبيوتر وإطلاق سراح الأفكار والأحلام كي تصل الى أراض مجهولة لغايتها... وفي الأخير ليست هي مسألة إغواء كما تقول بل هوهذا الطريق الجحيمي الذي لا أعرف بالضبط هل تركت لنا فرصة إختياره أم أننا دخلناه كالسائرين في نومهم. فيما يخص السينما يتضاعف العذاب ! فدخولك في هذه الظروف يعني إجتيازا لأكثر من بوابة جحيم واحدة ، إذ ليس هنا إلا التفكير المتواصل بإقامة شتى العلاقات وإلى آخره لكن أيّ أشياء لعينة لا تعلمنا الحياة إياها ! ليس أمامك يا عزيزي غير إجتياز هذه العتبة وتلك. ولنتذكر مافعله الكبار من أجل أن يأتوا لنا بكل هذه الهدايا. ويكفي ذكر سيرة برغمان ...
28 تموز
أعود الى رسالتك السابقة. أرغب في أن أضيف فقط : مثل هذا الإحباط يتمدد في ّ أكثر من مرة في اليوم. الأسباب كثيرة وهي أسبابنا المعهودة. أتركُ الكتابة فجأة بسبب الحنق من عجزي وخراقتي أمام اللغة التي تمانع مثل فاجرة تتظاهر بالعفة ! حينها لا أعرف ما العمل كي اعبّر عما في هذا الرأس الذي يغتصبه التعب وحتى حين التواجد في ذلك العالم الآخر ، عالم النوم والأحلام والكوابيس...
28 تموز
كتبت إليك عن نوبات الإحباط التي تدفعنا الى التفكير بقرارات يمليها الإنفعال. وهذه كلها من متاعنا في هذا الزمكان الذي قذفنا فيه من دون أخذ الرأي ، وكما نعرف فكل هذا محض قدر أعمى ، والأكيد أنه غير موَّجه ، هو عشوائي تماما ويسخر من كل ما نملكه : العقل والغرائز والتأريخ أي التجارب كلها...
29 تموز
لأبدأ بصورتك مع طفلك أنكيدو ، أو صورته معك : لست راهبا بوذيا رغم محبتي العميقة للمعلم الكبير الذي ترك كل شيء و ذهب مع الروح كسيّد مطلق للكون... هذا الطفل سيكون بركانا جميلا إن صح القول. أقصد بركانا - قرن وفرة يذرّ عطايا مثيرة بلا إنقطاع ( وهنا لتصمتْ كساندرا وإلا فستكون هي في الإثنين غير المناسبين : الزمن والمكان ...) . بهذا الطفل صار عندك ترس لطرد الأبالسة ، وضوء لإنارة تلك العتمة الأبدية... قرأتُ نصك ( رسائل حب ). الى جانب هذا الطرح الباهر لما في تلك البوتقة منحني السرور والقناعة أنك صرت تكتب بهدوء أكبر ( لا أعرف بالضبط لم َذكرتني " الرسائل " ببعض الشعراء الفرنسيين أمثال بريفير وشار خاصة ). أشكرك على هذه الكلمات الجميلة آمل أن أكون مخلصا لها دائما. الأرق . أظنه كارثة مثل كارثة الخطيئة الأولى .أرقي ليس من النوع الشرس : مجرد وخزة إيقاظ أو وخزتين أثناء ليل طويل... هناك نصائح عملية مخصصة للبشر ( العمليين ) لكن لاضرر هناك من أن تكون نافعة لنا أيضا.
30 تموز
كنت في عزلة مع سيوران ولم أعرف برحيل برغمان. وهكذا واحدا بعد الآخر ممثلو مأساتنا يرحلون ، على حد تعبير أراغون. لا أعرف أيّ رب غليظ الإحساس إخترع الزمن ، وآخر أسوأ منه بكثير إخترع خدعة أكبر أسماها الحياة. تذكرت دار العرض الصغيرة في مدرسة السينما البولندية ، وكيف كنا نجتمع كل مساء في الصالة لنشاهد أعاجيب برغمان. اظنني شاهدت ( الختم السابع ) مرات ومرات. هل تعرف أني شاهدت ( عطلة مع مونيكا ) في إحدى دور السينما في بغداد الخمسينات ! شاهدنا الفلم مرتين. أنا ونزار عباس وعبدالله حبه وأرداش ...
2 اب
مرّ هذا اليوم منتفخا بالضجر الأصم. لم أفعل شيئا غير كتابة القليل في تلك القصة وترجمة بضع صفحات من سيوران إلا أني قرأت الكثير في النت. صرت كسولا يثقل عليّ الذهاب الى المكتبة متعللا بالقول : لكن في النت كنوزا كثيرة أيضا ! توقفت طويلا عند الكثير من صور برغمان وأنتونيوني المنشورة في عدد من الميديات. أنا أعتبرها وحشية ليس من بعدها وحشية حين لا نشعر بإنقضاء الزمن ويركبنا الوهم بأن لازمن قد توقف عن الجريان أوتعرض للإبطاء. لغاية أيام قلائل كان بإعتقادي أن الأثنين لايزالا واقفين وراء الكاميرا ويشتغلان كالعادة. إنتبهت اليوم الى أن الكثير من شذرات سيوران ، المعروفة عربيا ، مأخوذة من كتابه الرابع المكتوب بالرومانية ( قديسون ودموع ). كتاب عنيف أضطر الناشر الفرنسي الى إزالة الكثير من الشتائم التي إعترف سيوران فيما بعد ( في حوار سأصل الى ترجمته قريبا ) بأنه كتب ما كتبه بسبب ذلك الأرق اللابشري... لولا الكتابات الأخرى وتكشيرات الوقت لتفرغت ، والى مدى أبعد ، لترجمة سيوران. فكما تعرف لايزال الكثير الكثير من جواهره تحت الرماد العربي...
3 اب من عادتي أن أعود الى الرسم في أثناء الإستراحات. واليوم كثرت هذه ، ولاحاجة الى ذكرالأسباب ، فمعظمها ( كلاسيكي ) في مثل هذا العمر الذي يتضخم مثل دملة وماعليّ إلا إنتظار إنفجارها ... وسيكون الإنفجارالوحيد أي الذي لايتكرر ، تماما كما يقولون عن الخطأ الذي يرتكبه جندي الهندسة - مزيل الألغام : الخطأ الأول والأخير... الأنواء الجوية تعدنا بطقس صيفي في يوم الأحد. أكيد أنه سيدفعني الى أن لا أفكر بأيّ إنفجار !
5 اب
بدأت بترجمة حوار سيوراني آخر. لم يبق للترجمة غير أربعة حوارات . أنا اشعر بقناعة كبيرة حين تصل الى القاريء أشياء جديدة عن هذا الذئب الميتافيزيقي الذي لم تجذبه قصور الرمال التي شيّدها البشر لكن لا أحد يعرف هل هي تشيَّد في أثناء : اليقظة ، النوم ، خدر بليد للقيلولة... وقد أكون مخطئا. فعلى الأكثر تبنى هذه القصور حين يكون التأريخ مالكا لوعيه و( بعد نظره )...
6 آب
قبل أن أطرح رجائي أرغب الكلام عن الشمس قليلا ! كما تعرف يضعف هجوم الثقب الآزوني علينا بعد الظهر. البارحة ذهبت الى البحر بعد الساعة الثانية كما ينصح العلماء ورفاقهم الأطباء ، فالخروج الى الشمس يكون بعد تلك الساعة أقل خطرا بكثير. ألا تفكر أحيانا بأن هذا الثقب وأفعال الساسة وأبناء الشيطان من علماء وسلطات ، هي المقدمة لذلك المصير المحتوم الذي يذكرنا به سيوران في كل أحاديثه وكتبه ؟ ما أردت قوله قد يندرج في صنف التحذير من الشمس والثقب الآزوني ( كأن الثقوب السود لاتكفي كي يعي الإنسان كينونته كدودة مهجورة في الكون ! ). والآن رجائي : كما قلتُ أترجم سيوران وأكتب أشياء أخرى أيضا. وأنا الذي يجهد في تنظيم الحياة اليومية أتحول الى فوضوي كسول فيما يخص تنظيم كتاباتي ! مثلا فتحت مخزوني صباح اليوم ، وبالضبط الفايل الذي أكتب فيه ، ووجدت هناك قصة بعنوان ( كانت خدعة فاشلة ). فوجئت بهذه ( اللقطة ) المجهولة ! وللتأكد توجهت الى موقع القصة لكني لم أعثر هناك على أي أثر ل(الخدعة الفاشلة ). يساورني شك قوي جدا بأن أكون قد إنتزعت مقاطعا من هذه القصة وألحقتها بقصة أخرى أو أكثر. بعد مراجعة مضنية حقا لم أصل الى نتيجة. قل لي يا حسن هل أن الصليب السابع (و يسمّي البولون العقد بالصليب للتأكيد على إستمرارية هذا العذاب الذي لامبرر له خاصة أن كل ذنوبنا هي في منتهى التفاهة ! ) ، يعمل مثل هذه المقالب للذاكرة ؟ وهل هو أمر محتوم أن يتحول هذا " المستودع " ( وحتى أنه لا يُعرف مكانه بالضبط : هل الذاكرة في الدماغ أم في كل خلايا الجسم ) الذي بفعل فسيولوجيات سخيفة ، الى خرقة بالية ؟! رجائي الحار أن تراجع بريدي إليك وللتأكد من فعلية عبث من هذا الصنف الذي لايمكن وصفه إلا بالداعي الى الرثاء... أستدرك بالقول إنه يكفي مراجعة البريد من حزيران فصاعدا. في بريدي إليك هناك أكثر من ثقب آزوني واحد ولذلك لا يسعني الإعتماد عليه... آمل أنك قد قرأت الحوارالسيوراني الأخير. مرة أخرى يكشف بأنيابه العدمية ، عن " ملائكيته " ! أوليس هو ملاكا من يخبرنا بالحقيقة كاملة ؟ وكنت قد أقسمت لنفسي بأن أبتعد عن الترجمة التي غالبما تبدو لي من الأعمال الخيرية ، إلا أني لم أستطع مقاومة صوت سيوران ...
6 آب
لا أعرف لماذا كنت أملك إنطباعا بأنك فوضوي أيضا ! كما تبين كان إنطباعا خاطئا. فعندك كل شيء ، عدا براكين الداخل ، مضبوط مثل ساعة سويسرية ! شكرا على تقديم العون في حل لغز القصة المذكورة . سأفكر من جديد في نشرها. أعترف بأني أميل الى الكلام عن متاهات المستقبل ، وقد يكون السبب كل هذا السواد الذي يلطخ به الحاضر حياتنا... شاهدت البارحة فلما آخر مقتبسا من رواية باسترناك ( دكتور جيفاغو ). لكنه كان ( تعبان ) ولربما كانت قيمته الوحيدة ذلك الإستنساخ الدقيق للواقع الروسي آنذاك.
8 آب
قصة ( الخدعة الفاشلة ) كنت قد نسيتها تماما. أظنها ظاهرة يجدر الوقوف عندها خاصة إذا أدركنا أن هناك فارقا جوهريا بين الذاكرة وما يحدث على سطح الماء أو الرمل. إستوقفتني صورة غريبة هي تصوير لصفحة من إحدى أقدم النسخ لإنجيل لوقا من القرن الثاني وقدعثروا عليها في سيناء. إنها وجه إنسان وصل الأبدية وأكتشف أن الجحيم موجود هناك أيضا ... لا أظن أن أحدا قد تعمد في منح هذه الورقة وجه إنسان ...
9 آب
في هذا الشمال الذي إستعار الأمزجة المتقلبة من الغواني والعوانس إنتهى الصيف وعاد الغيم والمطر والريح ... لولا الهوس قليل النفع ، أي قدرنا الذي قيّدنا بالكتاب والقلم ، لرميت ُ كل شيء في أقرب حاوية زبل وأصبحت متسولا في اليونان مثلا ! لكفاني هناك رغيف الخبز والزيتون وزجاجة الآؤزو ، هذا الزحلاوي الذي أجاد تقطيره أبناء هيلاده ! إنه الثالوث المقدس الحقيقي .
10 آب
بخصوص الطقس : أمنيتي أن لا تصلكم أمطارنا التي تتوقف قليلا ، وفق ستراتيجية ذر الرماد في العيون ! ، ثم تعود الى الهطول. أظن أن هناك أنهارا عملاقة تحت الأرض بسبب هذا الفصل الطويل من الأمطار التي صارت مثل تلك الموسمية...
11 آب
سيوران والإنشغال بالكتابة القصصية أبعداني عن مشاريع للكتابة عن التشكيل وغيره. أتمنى أن يكون الخريف القادم فترة العودة الى الإهتمامات الأخرى. فهناك بالإنتظار كيركيغورد ودفاترالفلم ونصوص غومبروفتش وغيرها. كتبرير لمثل هذا التأخير ، وثق بأني لا أطيقه ، تلاحقني كلمات دا فنشي : لم هذا التعب كله يا ليوناردو ! بالفعل لم هذا التعب ، وكيف سمحنا كي ُنقاد ، كالنعاج الى المسلخ ، وبعد أن قرئت تعاويذ فوق رؤوسنا عن ( الوعي الشقي ) و( لامعنى كل شيء ) والى آخر القوانة التي هي ، ولنعترف بكل نزاهة ، الأكثر خطرا وخطورة من بين إكتشافات البشر للنار والعجلة والعائلة ، والرب قبل كل شيء ، وأنت تعرف هنا العذاب اللابشري عند سيوران الذي بقي الى آخر يوم في حياته يفكر بالإيمان واللاإيمان... قرأتُ نصوصا جيدة عن رحيل برغمان وأنتونيوني. لكم تمنيت أن يرينا الرب شطارته و يمدد اليوم كي يصبح أكثر من 24 ساعة ، الى 34 ساعة على الأقل !

12 آب
شذرات سيوران المرفقة ، وواحدة لنيتشه ، تزيد من مناعتنا إزاء محن الوجود ، وبينها شتى أمراض الكتابة العراقية وغيرها ! البارحة قرأت في النت الكثير من الشذرات ( حين تتعبني الترجمة والكتابة الأخرى أذهب الى هناك أو أقوم بالرسم أو أقرأ الشعر). - وحدة بعضهم هي هروب المريض ، ووحدة بعض ٍ آخر هي الهروب من المرضى. نيتشه
14 آب
أنا مع التداخلات في القصة ، بالطبع من دون المبالغة في تبسيط المهمة ، وبأي ثمن ، أمام القاري. لكننا لا نستطيع أن نرمي البوصلة أو نبعدها سواء كثيرا أو قليلا... لا أعرف ، ربما عملية القص بالصيغة ( الكلاسية ) لاتعني دائما إنتشال جثث قديمة ! وأنت تعرف ما فعله كوروساوا في ( راشومون ). بالطبع أنا لا أقصد التطبيق الجامد لمساطر قديمة بل التضحية بأشياء قد تكون كثيرة من أجل متانة الهيكل. وتعرف أيضا كيف هوتيار الوعي لدى جويس الذي رغم كل شيء جهد في أن تكون حرائقه أستيتيكية أيضا ! قد لا أكون مخطئا إذا قلت بأن عملية نحت اللغة هي من الضرورات الرئيسية عند الصياغة. وهنا لا أنسي معلمي الكبار أمثال همنغوي وهنري ميللر بل كامل الأدب الأميركي على وجه التقريب. ربما هو ضعف شخصي حين أكون مغرما بلغة البرقيات... من ناحية أخرى أنا أفهم بأنك تريد الطرح الوافي إلا أن هذا لايقود وفي أحوال ليست بالقليلة إلا الى التعتيم وسوء الفهم. وقد يبدو مفارقة ما أقوله : التركيز على عملية الإيضاح يقود الى الغموض أو في أحسن الأحوال : الى البلبلة ... في الختام أجيب على سؤالك عن العدد الكافي من السيورانات لإيقاظ أدبنا ( وتجريده مما أسميته بالدجل ) الذي لايزال يحبو ، رغم إصابته بكل أمراض الهرم : كنت ضعيفا دائما في الحساب والرياضيات لكني أخمن بأن العدد يتجاوز هنا كثيرا كثيرا ما يعطينا إياه جدول الضرب...

14 آب
إنشغلت ، كالعادة ، بالروتين اليومي من ترجمة و كتابة ورسم إلخ. وحصل لدي بعض الإنفراج عندما أنهيت قبل قليل ترجمة الحوار ما قبل الأخير مع سيوران. رغم ذلك أشعر باني صرت أستخف بالوقت. مثلا شاهدت البارحة فلما أميركيا هابطا بدل القيام بعمل آخر ، فقد إستعرت عددا كبيرا من التسجيلات الموسيقية لإعزائنا ، كما هناك بضعة كتب تنتظر القراءة ثم مغناطيس النت الثقافي - المعرفي. وفي الحوارالمذكور جاءت كلمات سيوران عن حسرته على تضييعه هذا القدر الضخم من الساعات... ربما ما أنقذ ( الموقف ) البارحة هو أني شاهدت فلما مقبولا الى حد ما ل( الشيخ ) سيدني لومييه ، إسمه ( السنوات الضائعة ). صديقي نزار عباس لم يضع الوقت وحتى حين يسكر أو يعلق على العابرين أمامه في المقهى. كان يعترف دائما بكسله الأسطوري الذي يحول دون طوافه الشوارع كما سقراط !
16 آب
الأكثرية في العائلة أطباء لكن لحسن الحظ ليس بينهم طبيب نفساني ! أحدهم كررعلي نصيحة جيّدة كنت في الواقع قد قرأتها ، مفادها أنه للحفاظ على الصحة النفسية من الأحسن أن يقلب الإنسان برنامجه اليومي رأسا على عقب مرة في الأسبوع. بالطبع هي نصيحة محدودة النجاعة ، فالإنسان عبد للروتين منذ أن صار بيدقا في لعبة التاريخ ! لكن شيئا خير من لاشيء. هذه مقدمة كي أقول بأني أطبق ، خفية ، هذه النصيحة : أن اضرب الروتين اليومي بعرض الحائط. بالطبع ليست هي ثورة تخص الجوهر إلا ان تعريف الثورة ينطبق عليها ! ( ثورة اليوم ) كانت عدم إقترابي من الحوار الأخير مع سيوران ومن القصة الجديدة. بعدها كانت الحال شبيهة بحرمان المدمن من القهوة أو السيجارة مثلا ! المهم أني تحايلت على الروتين كي أكون بقرب سيوران : ترجمتُ شذرات أخرى ... كما إنسقت مع الروتين حين إقتربت من الرسم ( وهذا صار روتينا عندي في الفترة الأخيرة ) لكن ليس طويلا : قمت بجمع رسوم قديمة في رسم واحد يبدو الآن وكأنه لمجموعة خصوصية من ( نسائي ) ! في الحقيقة ليس لدي أيّ هواية للجمع ، ربما الإستثناء كان الكتب والبطاقات البريدية التي تحمل صور الأعمال الفنية ...


17 آب
إشتغلت اليوم أيضا بترجمة الحوار الأخير مع سيوران . ولا أعرف لم أخذت أعيد قراءة كتابه الهرطوقي الأكبر ( قديسون ودموع ) الذي نشر فيه كامل الغسيل الرباني القذر... إنه كتاب مصدم وحتى للذين هجروا دروب الله من زمان.
19 آب
نظرتُ طويلا في صورة الإنسان السائر بجوار الجدار. إنها " جدارية " تعاملت كما فعل باخ الذي أستمع إليه الآن: دهشة الكينونة في عالم جبار لكنه لم يحرم نفسه من نعومة غنائية غامضة جاءت بها مساقط الضوء في أعلى كادر الصورة. اظن أن الكون يملك مثل هذه المعادلة : حرائق نجومية وعدمٌ متباين الألوان ، وفي الكفة الأخرى تلك الروح الأزلية التي إمتلكت هنا قامة وهموما بشرية... عاشت إيدك !
لم يتبدد حلمك السينمائي يا حسن. واقعك الآن بحاجة الى المزيد من العرق وتلك المثابرة اللعينة وإتقان أصول اللعبة في الحياة. وهي لعبة ليست شبيهة بتلك التي تمارسها الملياردات ليل نهار ، بل هي لعبتنا العزيزة التي أسماها سيوران بالهبة الوحيدة التي تأتينا بالتحرير الحقيقي...


20 آب
أظنك لمست قوة المغناطيس الذي يجذبني الآن الى الشذرات. كان الرأس فارغا رغم قهوة الصباح - فارغا من " أوهام " الكتابة تلك... وهكذا رحت الى سيوران. شعرت ، بعدها ، بغبطة ساذجة لكنها غادرة أيضا إذ أردت القفز كأولمبيّ صار معوّقا ! هكذا الحال الآن : حتى من يعلن اليأس واللامعنى واللاقدسية يبعث فيّ الغبطة !

29 آب
في الحقيقة ترددت طويلا قبل أن أكتب المقدمة لقصصي الأخيرة وأحمّل مجتزءاتك فيها. كما تعرف أنا أفضل الصمت خارج الكتابة. وآمل أن لا أكون هنا مخطئا ، فأنا مؤمن تماما بصحة مقولة باث عن تلك الأقلية. وقد تبدو مبالغة غير مفهومة أو مفتعلة إذا قلت بأني قانع الى حد كبير إذا كان عندي بضعة قراء فقط. وتزداد القناعة حين أجدك قارئي الأول الذي لايكتب ( إنطباعات ) كما قلتَ ، بل يعينني بصورة ملموسة حين يسبر وبمثل هذه الحساسية والذكاء ما أردت طرحه في كتاباتي. ثق بأني بالغ الإعتزاز بكل جملة تقولها عن عملي. ومن هنا حرصي على أن تكون أول من يقرأني...




11.9
كانت النية مزيدا من ترجمة الشذرات لكن الحيوية إنخفض منسوبها كثيرا... بالطبع السبب الأول ، ولربما ما قبل الأخير أيضا ! ، هو هذه الخيانات المتواصلة والوقحة من قبل الذاكرة : صرت أتوقف طويلا عند إختيار الكلمة العربية المناسبة أو الصحيحة عند الترجمة . ربما هو محض هاجس يهيمن على كل مترجم مثلي ( يعمل لوجه الله والبشرية ! ). وتضخم هذا الهاجس في النفس حين تصفحت بعضا من تلك الأقوال المعروفة عن الترجمة : brutte fedeli e belle infedeli وتعني بالإيطالية : [ ترجمة ] دميمة مخلصة وأخرى جميلة لكن خائنة. وهذه بالأحرى تكرار لقول الفرنسي نيكولاس أبلانكور من القرن السابع عشر : Belles Infideles : الجميلة الخائنة. حينها كان المترجم " القدير" من يقوم ب( تجميل ) النص و أسلوب المؤلف خاصة. وكانت المقصودة الترجمة من اليونانية واللاتينية ... هذه شوارد أتمنى أن تبقى بعيدة عنك ! فالترجمة عبودية حقيقية لكن كم هناك من عبيد يستمرؤنها !

11.9 شيء جميل أن أقضي اليوم بصحبة سيوران ! هذه شذرات تالية... أظنني إستمعت أثناء رفقة سيوران الى كونسترات باخ البراندبورغية الثلاثة ( الثالث والرابع والخامس ) أكثر من خمس مرات ! هكذا يبدو تخميني ، فوقت الثلاثة هو 62 دقيقة ... نعم أنا سعيد اليوم . أترى كيف يخرج الإيمان من قناعتنا وليس العكس ! شجعني الطقس الوديع على التوجه الى الغابة القريبة ، ولذلك عدت ثانية الى سيوران بعد أن عمّدتني الوحدة والصمت هناك... أكلتُ أيضا التوت البرّي مثل طفل نهم. أظن أن سيوران سيغفر لي مثل هذا اللجوء الى أحضان الحياة ! اضفتُ الى صورة كوابيس تلك الليلة فزاعة حقل كنت قد حلمت بها أيضا. بالمناسبة هل شاهدت فلم ( فزاعة الحقل ) لجيري شاتزبيرغ وبأداء جين هاكمان وآل باتشينو ؟ يخيل إلي أني رأيت أيضا عيني باتشينو في ذلك الكابوس ...

13.9
أنا لا أشكو كثيرا من الزمن في هذا اليوم. كتبت بضع صفحات في قصة ذلك الحيوان الغريب الذي لم يتكيف تماما ، ربما لم يعرف كيف ، مع كل هذا الجد الذي تتعامل أكثريتنا به مع الحياة والعالم ... لقد لاحظتُ أن ما أجمعه وأترجمه من شذرات سيوران يلاحقني عند الكتابة. ثمة تداعيات ذهنية مكدرة : بين سيوران الذي كان قد فتح عينيه واسعا على كل هذه الكوميديات السوداء ، و بين من سبقوه ، أولئك الذين كانوا يبصرون أيضا جيدا. أنا واثق بأن اللغة وحدها كانت تعوز إنسان النياندرتال ( يقول العلم إن فكيه لم يكونا متكيفين للنطق ...) وليس التفكير السليم ...


14.9
أنت يا حسن باحث أركيولوجي من النوع الباهر ! قل لي كيف تعثر على مثل هذه الكنوز في النت ؟! كنت قد قرأت للشاعر الليتواني ما ترجم الى البولندية ( أنا كسول وبخيل على الوقت أيضا إذا تعلق الأمر بالبحث في النت ) ومفهوم أنه أعجبني على الفور. ليتوانيا كانت جزءا من بولندا أو بالأحرى كانت هناك وحدة بين البلدين قبل قرون طويلة رغم أن لغتي البلدين مختلفتين تماما. البولندية سلافية لاتختلف كثيرا عن التشيكية أو الصربية أو السلوفينية وغيرها ، أما الليتوانية فهي من منحدر آخر. المصور البولندي رحل قبل سنتين وكان فذا في إستخدام الغرافيك الكومبيوتري إلا أنه كان مصور لوحات قبل كل شيء ، وكل أعماله بدون عناوين. يكفي أن تكتب إسمه كي تصل في النت الى الكثير من أعماله الموزعة على المتاحف والغاليريات وغيرها : zdzislaw beksinski أحببت بيكشينسكي جدا. ألم يقل ريلكه : أعمال الفن تأتي من وحدة لاتنتهي. والحب وحده قادرعلى فهمها ، وحفظها والحكم العادل عليها ( إذا لم تخني الذاكرة هكذا كانت كلماته ).


17.9
ما يعجبني في نصوصك المهارة في مزج الشاعري بالسردي. ثم تلك العين التي تطلق نظراتها الشرسة كما لو أنها أشعة ليزر تريد ، بعناد ، تطهير المشهد من أوبئته... نص جميل حقا. آمل أن يكون الرسم الذي عملته ، وكأني منوّم مغناطيسيا ! ، وأناعلى وشك الإرتجاف بسبب أفاعي وبنادق عراق 2007 ... تجد بضع ملاحظات على النص . ربما قصدك هنا وهناك واضح لكن ربما الخريف أسدل ستارا سميكا في هذه الرأس التي كما يبدو فقدت كل أمل في أن ذاك الذي لم ينبس منذ ملياردات السنين ولا بكلمة واحدة، سينطق في الأخير، وعلى الأقل كي لايقتل الأطفال...

18.9
كتاباتك يا حسن تمنحني ما أنا بحاجة إليه في هذا العمر : بعد إنتظار طويل ثمة شيء يزهر في صحرائنا. وأضيف هنا : نصوصك تعيدني الى الواقع الذي لاينبغي الهرب منه ومهما كان هجينا أنجبه الوهم والفعلية ( أنا هنا استعير لغة المفارقة السيورانية ! ). غالبما أقول مع نفسي بعد قراءة نصوصك : هذا ما ينبغي على القاريء أن ينتظره من الكاتب : عدسة مكبِّرة مصنوعة من زجاج قاس وجميل كالماس... اليوم كتبت قليلا ورسمت قليلا أيضا لكني قرأت كثيرا وإستمعت طويلا الى باخ وشومان وهيندل خاصة. هكذا يبدو قطاع كبير من سعادتي الأرضية !


4.10
واضح أنك بحال أفضل. فكتابة مثل هذا النص الذي يشهر سكينه بوجه الله والكون وكل أحابيل الحياة ، تعني أنك قطعت أكثر من شوط في إستعادة التوازن... الحال هي هكذا دائما مع الأطباء الذين لايفهمون ولاحتى خمسة بالمائة من حروبنا الداخلية بسبب قصر نظرهم الذي لا يعوّض عنه أيُّ ناظورحربي... لا أتفق معك فيما يخص العداء تجاه العالم . هو مسكين ضائع مثلنا، جاء ثمرة محرمة لنزوة جنسية قام بها الرب على فراش العدم... . إنه نص ثمين حقا. وعند القراءة خطرت ببالي فكرة جمع هذه القطع الشعرية الأصيلة حقا في كتاب. المهم جمعها ومن ثم التفكير بالعثورعلى الناشر، أي أن تكون تحت اليد في كل وقت. أكيد أن أنفاسا سيورانية لفحتك عند قراءة قصتي الأخيرة. بدأت بكتابة أخرى. أرجو أن يحالفني توفيق أكبر ...

14.10
عثرت على نص قديم ( كرونيكيل عن بيكاسو ) إلا أنه يحتاج الى تكملة ، وآمل أن أنتهي منه في القريب. سيوران ( النقائي ) كان ينفر من هذا الساحر الإسباني ( الهجين ) تماما كما كان غومبروفتش يشعر بالضجر حين الإستماع الى باخ الذي كان ربّا ، لدى سيوران ، أعاره الكون ، وفي لحظة تدفق فيها الحنان ، لسيّار الأرض ! غومبروفتش عشق اللاجد واللانضج ، ففيهما وجد جوهر الإنسان. أعترفُ بأنه كان محقا ، لكنه نسي عناصر أخرى لهذا الجوهر: من دون باخ لبدا الكون ، كما قال سيوران ، عملا سيئا...


14.10
أنا مسرور لكونك تواصل ( الصراع ) ، ولم ( تنسحب )... الكتابة والوحدة هما من الجوائز التي لم ينتبه الرب الحسود إليها. بالطبع هناك كتاب تغتني الوحدة حين ( يقتحمونها ). و بينهم سيوران الذي يتكلم بصورة أكثر وضوحا من غيره عن العذاب والوحدة وكل هذه اللامعقوليات التي ُدفعنا الى سراديبها...


17.10
إنقطعت تماما عن العالم الخارجي ، وعن النت خاصة ، منذ يوم الإثنين. فتعاونيتنا السكنية قررت إبدال النوافذ والأبواب بأخرى جديدة ، رغم أن القديمة كانت لاتزال لائقة. وبهذه الصورة المبتذلة أضعت ثلاثة أيام ( لا أريد ان أحسب كم دقيقة وكم ساعة ! ) إضافة الى تكبّد الصحتين النفسية والبدنية بخسائرموجعة... موقعك في نفسي وذهني راسخ للغاية. كل شيء راجع هنا الى أنك فنان حقيقي ، ومن هنا خشيتي الكبيرة حقا من أن تنزل أحدى اللعنات وتعرقل ما تنجزه. إلا أني استرد الطمانينة عقب كل زاغور يجرّك إليه.، فأنت تخرج منه بقدر أكبر من التحدي والإصرار... أنا مسرور لكونك تقاوم كل الشياطين - في الداخل والخارج ، وتواصل الكتابة. أرجو لك المزيد من الإصرار على مواصلة الكتابة عن رجلك ذي المآزق الفنتازية. أما اللغة الشعرية فأود القول إنها ضرورية للكتابة ، وأيّ كانت ، كما الملح للطعام بل أكثر: إنها بروتينها الحقيقي والفعلي. بالطبع علينا أن نملك ميزان صاغة ذهب كي لا نزيد من مثاقيل الشعرية... أتذكر هنا إنسحاري بشعرية ألبير كامي في نثره الفذ. كامي شاعر حقيقي لكنه إختار تقنيات النثر. قرأت ( الديناصور ). بصمة أصابعك الشعرية واضحة هنا أيضا. هذه النداءات اليائسة التي يخيل إلي أنها خارجة من بئر مهجورة ، وأخذت تهدم كل المعابد المعروفة والمجهولة معا. لا أستطيع القول بأن من يطلقها هو شمشون خانته إمرأة بل لدي شعورغامض بأنه الغضب نفسه ومعه الكثير من الحنق. المهم هنا أن سيطرتك على التعبير في إزدياد.


22.10
شيئا فشيئا استعيد توازني النفسي والبدني بعد نكبة تبديل النوافذ والأبواب ! نحن التائهون في دروب أخرى نستخف عادة ً بالأمور اليومية التي نعاملها كعبء أنزله بنا رب حقود سوية مع عباده بأكثريتهم الساحقة :المضحكة - المبكية. لكن يا عزيزي لا مكان هنا للإستخفاف حين يتخشب الجسم وتنتشر أكثر من غشاوة على العينين إلخ ! عدت الى النص عن بيكاسو ومسوّدة قصة جديدة أرغب أن أخصصها لواحد من مدينتي القديمة يجوب بدراجته الشوارع باحثا عن مجانين من شتى الأصناف. كما تعرف هو موضوع ازلي، فوق زمكاني. لا أرغب في القصة الكلام عن كل من فقد جميع الصلات بهذا الواقع ، بل تهمني درجات الفقدان و(الضياع الحقيقي ) ... وجدت قصيدتك المهداة الى سركون في كيكا أيضا. أكيد أنها ستحتل مكانا خاصا في قلبه. سركون عاطفي ومفرط الحساسية ، وكانت مناكدتي الوحيدة له حين أصفه ب(العقلاني ) ! حينها تنفجر قهقهات الضحك التي يقصد بها الهزء والإحتجاج على مثل هذه التهمة ! حزنت جدا حين سمعت بمرضه. هو طير غريب ينظر بعين أخرى الى كل شيء...


22.10
صدمني خبر رحيل سركون. خجلت من نفسي ومن كل ذنوب الرب الذي خربط مواعيد الرحيل البشري. فأنا أكبرمن سركون ، من نزار عباس ، من أرداش كاكافيان ، في العمر. أكيد انه ذنب لا يغتفر حين أجد نفسي أحيا مع مثل هذا الإمتياز. كان سركون إنسانا رائعا وبمقدوره ان يضع كل ما يسمى بالأدب العراقي في جيبه. كنا نجرّه بالقوة كي يخرج من البيت من أجل الجلوس في مقهى أوالعربدة في حانة. كان مهووسا بالقراءة والكتابة. رغم كل شيء كان جنونه من الصنف العذب. اليوم إستيقظت ضحكاته في ذاكرتي. لن أنسى دهشته بل ذهوله من أبسط أشياء العالم الخارجي وأفعاله. أحيانا لا أعرف كيف أواصل دفع عربة العمر. فمثل هذه الأخبار تجعلني أفقد الإتجاه وأفكر بالتوقف ، بالوقوف مثل أيّ حمار حرون.
24.10
صحيح ما تقوله عن جحافل النادبين الذين وجدوها فرصة لتلميع الإسم ولكي يلقوا حطبا إفتراضيا في نار شهرة إفتراضية أيضا... كما لا أعرف كيف إكتشفوا بمثل هذه السرعة الضوئية كل كنوز سركون بولص ! البشر يتغيرون لكني لا أعتقد بأن سركون قد تغيّر بعد تركه بغداد. كنت في بيروت قبل أن يتركها الى سان فرنسيسكو. ذهبت الى يوسف الخال للسؤال عنه. أخبرني بأن سركون لا يأتي كثيرا الى المجلة وإعتذر عن عدم معرفته عنوانه. كنت خائبا حين تركت بيروت من دون لقاء سركون. بعدها بفترة جاء نزار عباس الى بيروت وعثر على سركون. بالطبع تحول بيت سركون الى حاوية جبارة للقناني الفارغة ! أخبرني نزار أن سركون كاد يبكي حين عرف من يوسف الخال أني كنت أبحث عنه. بالطبع إستيقظت حينها كلبية نزار و( إنتهازيته ) حين إقترح على سركون أن يغرقا مثل هذا الهمّ بسفح قنان جديدة ! لكل هذا لا أريد ان اكتب عن رحيل سركون في إحدى فسح النشر...

27.10
أعترف لك بأن قدرا كبيرا من الأنوية يدغدغني ويدفعني الى أن أردد البديهية القديمة عن طرد العملة الرديئة للجيدة. لكن ما العمل يا عزيزي هي قانون إقتصادي متجذر في حياة البشر! لكن ما يريحني أني أغمض عيني كما النعامة ( لكن بدون دفن الرأس في الرمال، فهذا عمل غير صحي ناهيك عن تسببيه الإختناق ! ) وأقنع النفس بأن ما يحدث في كل هذا الواقع الفعلي مجرد مسلسل قام أحد الخبثاء بإدخال الفوضى على نظام تتابع حلقاته...


28.10
هل تعرف بأني أعتبر نفسي محظوظا حين لا أكون هدفا لغارات الكتبة ومعاركهم الكارتونية. وهذا يكفيني ! فأنا لاقدرة لي على خوض أيّ قتال بل أجد نفسي عاجزا عن خوض بركة ماء آسن. لا أقول هذا بدافع القنوط واليأس من الواقع القائم فقط بل لكونها معركة طويلة ستخطف أعمار أجيال وأجيال. إنها لعبة شبة ازلية تذكرني بحال الأدب السوفييتي الذي خضع لنظام صارم قانونه الأساسي : الإخلاص قبل الموهبة بل قبل كل شيء... ونتيجة لذلك ساد أدب الدرجة الثالثة الذي دعا الى مثل ذلك السقي الرديء للفولاذ ! هكذا هم يفضلون في العراق ، ومعه كل ما بين المحيط والخليج ، الإصابة بالأمراض السوفيتيية على البقاء أصحاء لكن مع تلك القضايا اللعينة التي يسرق لهم نارها بروميثيوسات من أمثال سيوران وكيركيغورد وكافكا وسركون بولص... تشخيصك للمرض صحيح حين قلت بأنهم تجاهلوا سركون الحيّ لكن بدأ الندب واللطم وفتح النافورات الرومانسية عندما رحل . يذكرني هذا بقول الرجل الأبيض : الهندي الأحمرالطيّب هو الهندي الأحمر الميت .


6.11
قد يكون هذا الخريف مختلفا. وعليّ أن أطرق خشبا غير مصبوغ قبل التفوه بشي من هذا القبيل ! فالخريف لم يمر بعد ، رغم أنه في الدنمارك صنو للشتاء : مناخ معتدل ، تدفئة معتدلة ، وعد ٌ ذو مصداقية بأن العظام لن تعرف الرجفات الشديدة ! قبل قليل إنتهيت من إعداد شذرات سيورانية جديدة. راجعت ُ ، قدر الإمكان ، مسألة عدم تكرارها لكن من الأحسن التأكد مرة أخرى وكما يقول البولون : المحاذر يحذره الرب أيضا ( هذا شعب صار الأوربي الوحيد في كاثوليكيته الصارمة. كما نعرف تكون هنا كل الطقوس موّجهة الى الخارج مع إهمال الداخل الذي تركوه لكرسي الإعتراف ! ).


7.11
قرأت نصك ( الديناصور ) مرة أخرى أي هذه المرة في إيلاف. أظنه جديدا على هذا الموقع نشر مثل هذا النص الجميل لكن ( الهرطوقي ). التعليق الأول عليه أعجبني أيضا. لكل هذا لابد من أن تشطر وقتك على معشوقاتك الثلاث : الشعر والسرد والفلم... بالفعل مشروعكما كبير. ويسرني أنك تنوي تنفيذه مع عبدالأمير. شهرزاد التي تقاوم الثالوث ، الزمن ، المكان ، العدم ، ستخرج على أيديكما محققة إنتصارا فعليا ، منطقيا ، وحشيا أيضا تماما كما لو انها كانت على علم بكارثة ميديا الإغريقية التي قتلت أطفالها ! سروري كبير لديناميتك المدهشة حقا. فكرة هذه المتاهة تتخطى بعيدا تقنية الهيبننغ ، وقد تكون جنينا ملؤه العافية ، لفعل تشكيلي - "مسرحي" - فلمي يشق طريقا جديدا. برأيي أن الدليل المطبوع سيعين الجمهور كثيرا.

8.11
أجد أن إشارتي الى التعليقات على نصك ( الديناصور ) لاتخلو من الأهمية. فلدي ميل سوسيولوجي لايقاوم أحيانا ! آنذاك نويت الدراسة في فرعين: علم الإجتماع وتأريخ الفن إلا أن كسلي ، وهو لايطاق لغاية الآن ! ، حال دون تحقيق مثل هذا الطموح غير الكبير ... في الحقيقة كان للكسل ما يبرره : الدروس كانت كثيرة ومتنوعة إضافة الى اللغات ( كان تعلم لغتين عدا اللاتينية إلزاميا ). لغاية الآن أنا آسف على عدم مواصلتي تعلم الألمانية. هي لغة سهلة بالمقارنة مع الإنكليزية ولاحاجة هنا الى ذكر الفرنسية ! واظبت على حضور دروس الألمانية ، وهي موسيقية أيضا رغم صلابتها ، وكأي تلميذ مطيع ، إلا أني تركتها لصالح نزوات أخرى... تجاهلا لنصيحة سيوران في عدم الكلام عما تكتب ولم تنته منه ، أرغب القول بأني أخذت أكتب بنص ( قصصي ؟ روائي ؟ ) أطمح فيه أن أراقب ، بدقة أكبر بل أريدها أن تكون مايكروسكوبية أيضا ، حركة ذلك الخيط الرفيع الذي يشدنا بالواقع ( في الحقيقة أنا لا أكتب طوال الوقت إلا عن هذه الحركة ...). أكيد أن ( مسرحي ) يشكو من ندرة من يتحرك على خشبته. فعليها ليس هناك سوى ممثل واحد : تلك الذات أو ما يسميه غيته ذلك المتمرد الأبدي ... لا أعرف إن كانت هناك ترجمات لأعمال هنري باربوس ، وخاصة روايته العظيمة ( النار - مذكرات فصيل في الخنادق ). كان كاتبا من النوع الواقعي الشرس إلا أن نهايته كانت أكثر من بائسة : إنتهى ستالينيا وحتى أنه كتب سيرة معبوده هذا في عام 1936 ( قضى سنوات طويلة في الإتحاد السوفييتي ومات هناك إلا انه دفن في باريس ). وكما يقال لاجديد تحت الشمس ، فهي ذات المتاهات القديمة التي ضاع فيه أكثر من فنان موهوب ... أقول هذا كله بصدد ما أكتبه الآن : وشايات متواصلة بالنفس ( رغم أني لا أعرف لمن ُتنقل الوشايات هذه ، ربما لله أو أحد ظلاله على الأرض ! )

9.11.
بالطبع أنا أعرف مباءات النشر العربي. الأمرغير متعلق بالفلوس فقط. هناك الغش والخداع والإنعدام المطلق للأمانة ثم حضور ( الأخ الكبير ) أي الرقابة ، تخيف جميعها أشجع الشجعان ، أو بالأحرى تخيف إللي ما عنده حبايب ويطلق ( طزّه ) بوجه الرقابة... وأذكر أنه لولا متابعة بعض الأصدقاء أمثال نزار عباس وموسى كريدي وفؤاد التكرلي ونزار سليم لما نشرت كتبي في بغداد... أقترح عليك النشر الألكتروني الآن ، كما أنه ليس من باب التفاؤل إذا قلت إن هناك فرصا قادمة. كما تعرف هو إحتمال ليس بالقوي ان ينتبه احدهم الى النشريات الألكترونية ويقترح نشرها ورقيا. لكني لا أستثني هنا حصول بعض المعجزات ... كرست هذا الصباح لجديد االموقع. نصوص تضرب كالمسامير في أعصاب تالفة مثل أعصابي. أحيانا اتظاهر بالجهل بالأسباب وأتساءل : كيف هو ممكن الكتابة بهذه الصورة الساذجة في القرن الحادي والعشرين ؟! لكن ما العمل يا عزيزي ، فهذه هي البضاعة. أكيد أن الغيظ مبعثه في أنها لا تزال رائجة !


12.11
أنا مقتنع تماما بأن معركة الكتابة هي في مكان آخر ، و( جنرالاتها ) الذين يرافقونك فيها أو يسلمونك الخرائط العسكرية هم الكتاب الآخرون. ولولا جنرالاتي لقذفت القلم والأوراق بعد المعركة الأولى... كنت مسحورا بنثر الجنرال ألبير كامي. فهو في صفحة واحدة يكثف الزمان والمكان ومن دون أن تشعر بأنك دخلت كونا فسيحا آخر. إنه الشعر - النثر ( البرقي ) ... وتكتب إلي عن المجازفة. أظن ان الكل يجازف. أرجو أن لاتنسى أن كل شيء مجازفة بدءا بالتمرين وإنتهاءا بالصبرالذي ذكرته في رسالتك. وهو شعور خاطيء بأنك قد إستعجلت وأن تحكمك باللغة بطيء وإلى آخره. أكيد أنه شعور يبقيك في الوهم. فحتى الكبار كانوا معوّقين وذوي تأريخ كالح ومجهد بسبب تلك المجازفات. نحن في كل يوم ، بل كل ساعة ، نزيد من سرعة ذاك التحكم. معلوم أن النصوص القصيرة تتيح ، لكن عموما ، تحكما أسهل ، غير أنك تتفق معي بأن لامفر من القيام بالمجازفة الأخرى : كتابة نصوص أطول ... للأسلوب الإيضاحي القريب من التقريري كمائن غادرة. لا أتذكر الآن القائل بإن التفكير بالقاريء أثناء الكتابة ينبغي أن يكون بعد الإنتهاء منها. وأنا لم أقرأ فوكنر مرة واحدة رغم أني لا أتخلى عن المتابعة اليقظة أثناء المطالعة إلا أن هذا الكاتب يطالبني بالكثير، كما هو واضح لم يفكر بي إلا بعد إنتهائه من الكتابة ... كنت في المكتبة عصرا. إستعرت الإثنين باخ وبيتهوفن. وقرأت أميلي ديكنسن قليلا. تصوّر أن هذه الربة التي كانت جميلة الروح والنفس لم ينشروا لها طوال حياتها ( عاشت 56 سنة ) إلا سبع قصائد من مجموع 1775 قصيدة ! ألا يعني هذا أن صحراء التتر أنبتت صبّارها أيضا في ماسوشيتس مسقط رأس هذه الشاعرة الفلتة ؟ ...


14.11
الإنسان أكثر تعقيدا من خارطة الكون ! قيل الشيء نفسه عن هنري ميللر الذي كان بريئا مثل نحلة تعطي العسل رغم وجود الإبرة في مؤخرتها ! سرت فيّ كآبة حين قرأت عن رحيل نورمان ميلر. كان ( الطفل المرعب ) للأدب الأميركي شأن هنري الذي سبقه الى ... هناك . كان جراحا ماهرا شق، وحتى بشيء من السادية ، أحشاء الحياة الأميركية. وبصورة تلقائية خطرت بالبال فكرة : متى يخطو أدبنا ، ولو أقل بكثير من واحد بالمائة ، مثلما كان يخطو نورمان...

17.11 قد تكون هناك نورمانات وميللرات لدى العرب لكننا لانعرفها كلها. ومعلوم أن للديناصورات أقداما بالغة الضخامة ، وعلى أكبر إحتمال إستقرت الأقدام على صدور نورماناتنا، وإذا أخطأت الأقدام هدفها سيبقى الأمل كله فيكم ...
18.11 ما لاحظته في قصتك أنك توقفت طويلا في شارع المتنبي من أجل أن تكشف عن حادثة إحتيال صغيرة لا تستأهل توقفا طويلا عند كثير من التفاصيل. في الحقيقة أنا أكرر هنا ملاحظة سابقة تخص إفراطك في الحرص على تسجيل ( كل شيء ) ومناطحة اللاممكن. فقدرنا في الكتابة هو الإنتقاء عند تناول شتى طوابق الواقع أو بالأحرى أصنافه - من واقع مألوف الى آخر ميتافيزيقي أو فنتازي أو يوتوبي إلخ. أنا لا أنكر بالطبع أهمية ما حدث في ذلك الدكان و ضرورة ( ترميزه ). لكن كارثتنا ليست في ( ما يحدث ) بل ( كيف يحدث ). فكرت ُ حينها : لكان مونتاج روبير بريسون خير تسجيل لأحداث الدكان. لا أعرف إن كنت قد شاهدت فلمه ( النشال Pickpocket ) من عام 1959 والذي أخذ بعض عقده من ( الجريمة والعقاب ). لقد صوّر بريسون عملية النشل عبر مونتاج سريع أظنه كان من تلك اللحظات الباهرة في فنه. ولديّ قناعة تثلج القلب حين أفكر وأعمل بهذه الصورة. فالواقع جحيم تفاصيل بل فوضى مفزعة يجهد الفنان في إدخال شيء من النظام عليها عندما يحوّ ل ال ( ما ) الى ( كيف ) ...


21.11 تعب الكتابة معروف. ولربما أكرر الكلام إذا قلت بأن الكتابة تجارب مستمرة تتبخر أثناءها تصورات كثيرة عن أننا قادرون على التحكم باللغة وطرح التجربة وتحريك آليات المخيلة. لاشيء من هذا القبيل ! فالكلمات المناسبة تهرب من الرأس ، أي الذاكرة ، حين تريد إصطيادها ونقر حروفها. مثلا طارت من الرأس كلمات وصياغات حين قراءتي لنصك ( برج الفأر ). ثق بان ليس هناك من أرباب في اللغة العربية أوغيرها. الأكثرية تلجأ الى الدروب المطروقة في التعبير اللغوي. وهنا علي أن أعبر عن دهشتي من بعض صياغاتك. قناعتي أنك لاتحتاج الى أشياء كثيرة بل يكفيك تركيز أشد للإنتباه الى اللغة والأخذ بتقنيات أكثر بساطة. وكما قلت مرة إنه من الصعب جدا أن نقوم بالتفريغ التام .إذ لابد من صرامة الإنتقاء...
22.11
حالات السهو عندي في إزدياد مقلق . مرة قال صديق بعد أن نسي في الحانة كتابين لكامي الذي كان يعبده : السهو والكباب والذباب من أقانيم حياتنا ولذا تمنيت أن أكون من عائلة الإسكيمو !... معروف عن الإسكيمو أنهم ذوو ذاكرة خارقة : تفكك أمام أحدهم ساعة يدوية لم يرها من قبل لكنه يعرف كيف يركبها ويعيدها الى حالتها السابقة ...
*
26.11
بتالي العمر صرت آخذ بالتلقائية : بدل الإنشغال بالكتابة في تلك القصة / الرواية رحت أبحث عن شذرات كاموية جديدة. أظنه طيش المسنين! أبعث بما إستطعت جمعه منذ رسالتي الأخيرة إليك. وسأواصل البحث. في الحقيقة ما يشدني الى كامي هو تلك الإكتشافات التي اصبحت معروفة جيدا اليوم لكن هذا لا يحول دون أن تبقى راهنة. وقبل كل شيء يسحرني شعره.
26.11
هناك الكثير من الأفكار للنص الذي أكتب فيه ، أي القصة / الرواية ! لا أعرف ، فقد أصبحت أخشى التخطيط البعيد الأجل. وحسنا فعل سيوران حين كان يقرأ ، ولأمد طويل ، اليوميات والذكريات وما شابه. فهنا يكون الطرح مباشرا مما يعني إلتفاتا بسيطا الى ( الفنيات ).
26.11
أظن رسالتي السابقة عندك مما يعني أنه ( إنفكت الجبسة ). هكذا كانت تقول جدتي حين كانت تنحل إحدى العقد الحياتية... صار هاجس الأرق يزورني كثيرا ، ومن هنا هذه الرسوم... لا أعرف السبب رغم أني لا أشكو كثيرا من ذهابي ، وهو من النوع المعتدل ، برفقة الرب هيبنوس ! أعترف أن الهروب من الأرق ب( تعاطي ) النوم يعني أن حريتي ُردّت إلي كاملة ً.
26.11
كنت قد وصلت مرة أو مرتين الى موقع شمس الدين. أعجبتني كثيرا أعماله. قبل قليل زرته مرة أخرى ووجدت أشياء جديدة بينها قصيدة لسركون ورثاء له. أنا قريب من ميله الفني. والظاهر أن لنا أساتذة مشتركين : باول كلي وخوان ميرو وأكثر من تراث بل كامل ما قبل التأريخ ! أنت تعرف لعنة الوقت. مشاريع كثيرة الى حد اللامعقول. مثلا رغبتي قوية في الكتابة عن " الفطري " من بنسلفانيا. وقد أحققها . لكن لا أعرف متى . ربما بعد ساعة ، بعد يوم أو سنة... تحياتي لشمس الدين متمنيا له أطول مكوث في عوالمه البديعة تلك. إنها فراديسنا الأرضية رغم المخلب والناب الأحمرين ! هناك كاتب أميركي رائع لايعرفه العرب بالتأكيد : أمبروز بييرس Ambrose Bierce) 1842 - 1914 ) . تأثير أدغار ألان بو كبير عليه ، وبدوره ألقى بتأثير قوي على بورخيس و كورتاثار بشكل خاص. كارلوس فوينتيس كتب رواية عنه ( الأميركي القديم The Old Gringo ) نقلت الى السينما بمشاركة غريغوري بيك وجين فوندا. فلم جيّد من إخراج لويس بونتسو. ذكرتني به ورقة التقويم الدنماركي لهذا اليوم والتي قرأت فيها شذرة لبييرس : ( الكاتب المسمى بالجماهيري يكتب عما يفكر به الناس. أما الكاتب الفذ فيدعوهم الى التفكير بأمر آخر ). وسيسرني حقا أذا إتفقت معي على أن تعلق هذه الحكمة ، وهي فذة أيضا ، على صدور كتابنا... كتبت قليلا ورسمت قليلا أيضا ( رسم جديد عن الأرق ) لكني إستمعت طويلا الى باخ. قامت الذاكرة بخيانة أخرى : لا أتذكر أين قرأت عن زوجته التي رأته يبكي حين كان جالسا أمام أرغنه. وقد يكون سبب بكائنا حين نستمع الى أصواته الكونية هو ذات السبب الذي دفع إبن الأرض والسماوات هذا الى البكاء. صرت لا أستعير إلا باخ. أكيد أنهم في المكتبة الموسيقية يظنوني أصوليا لكن من طراز موسيقي !
27.11
أشعارك جميلة ، وجمالها جمال نمر ليس هدفه الوحيد الإنقضاض على الفريسة بل التمتع بجمالها أيضا ! لاحاجة الى القول إن لا أحد يعرف شيئا ، وحتى الذي كما ُيزعم أنه معنا لكن بصفة مفتش بلدية ، عن براكين أحاسيس وغرائز هذا النمر. عموما ليبرهن ذاك على أنه العليم و يبعث نبيا كي يفشي لنا بمثل هذه الأسرار أيضا...
1.12 مر الأسبوع كالماء الفاتر: من دون إعاشات تتميز عن غيرها. كل شيء كان بحد أدنى... في الحقيقة هكذا كل شيء في حياتنا وما يقفز فوق السطح نظنه لا إعتياديا بينما هو في المحصلة والجوهر ، مجرد فعل ( آخر )... الرسم أخذ وقتا أطول في هذا الأسبوع. الحافز كان ذلك الكتاب عن ما قبل التأريخ والذي ذكرته في رسالة سابقة. أدخلت بعض المنحوتات القديمة التي تعود الى أكثر من 30 ألف سنة على رسومي ! من الإكتشافات المصدمة أن أنسان العصر الحجري القديم الذي هاجر أجداده من أفريقيا عرف بعض ألاعيبنا المعاصرة مثل الكتابة والرسوم على جدار المرحاض أو الشارع رغم أنه لم يمتلك هذين بل آخريين من هبات الطبيعة ، وجسّد أحلامه و تحسسه بشعر الوجود. أبعث ايضا بنحت صغير يمثل عملية جماع إختلف علماء الآثار والأنثربولوجيا وغيرهم حول هوية طرفيها : هل هوجماع بين ممثلي جنسين مختلفين أم جماع مثليين ! الكتاب يدلل على أن اللغة إبتكرت قبل السومريين بآلاف السنين أو بالأحرى تملك أكثر من لغة بل جميعها جذرا واحدا إلا أنها فرضية لم يبرهن عليها بعد. كتب ٌ من هذا النوع تبعدنا ولو قليلا عن مختلف محننا وملاحقات الوجود والله لنا ...

2.12.2007 صارمشروع الرواية الذي تكلمت عنه في رسائلي السابقة قصة قصيرة ! فقد تذكرت أقوال بورخيس عن كسله الذي كان يمنعه دائما عن التفكير بكتابة رواية ... كما لاحاجة الى القول بأن كل نسيج سردي يصلح لتفصيله كرواية ...
5 كانون الأول أكتب إليك بعد أن شاهدت ، مرة أخرى ، فلم كونتين تيرينتينو ( قصة مبتذلة ) هكذا كما أظن ترجم الإسم : ( Pulp Fiction ). أكيد أن كونتين هضم بكل دقة ما أنجزته مختلف سينمات العنف بدءا بفلم ( الواقعية السوداء ) الأميركي من الخمسينات خاصة. وأعترف بأن فلم كونتين هذا دفعني الى الشعور بأن تحقيق الكمال أمر ممكن ... بحثت في موقعنا ولم أجد نصا مكرسا ل( قصة مبتذلة ). إذا لم تخني الذاكرة كان موقع ( الفيل ) قد نشر نصا عن تيرينتينو. في نيتي الكتابة عن هذا الفلم بشكل خاص. في الحقيقة من زمن تراودني فكرة الكتابة عن فلم العنف الأميركي الذي جاء نتيجة شتى الفلسفات. سؤالي إليك وبالطبع أنت الأكثر متابعة وإطلاعا فيما ينشر بالعربية : ألا يكون مثل النص تكرارا ما ؟ بالطبع لدي مسطرتي الفكرية والتفسيرية لكن خشيتي في عدم إتياني بجدبد. أظن أن الإطلاع على ما نشر في ( الفيل ) ينبغي أن يسبق مباشرتي بالكتابة. فهل من الممكن أن تبعث لي بهذا النص وما يتوفر لديك بهذا الشأن. كتبت قصة صغيرة البارحة واليوم حول أحد هواجسي اليومية : فعل المصادفة في حياة الإنسان الذي حصلت ، وكما نعلم ، إدانته وحتى قبل خروجه من بطن أمه... آمل أن تلقى القصة بعض التجاوب. عملت لها رسما أيضا. أكيد أن هناك جديدا عندك.
6 كانون الأول
من زمان أنا معجب بتارانتينو العصامي. كما تعرف يكون إقترابه من العنف والقسوة وكل أبعاد البربرية المعاصرة ، مفزع في صدقه ( على مشرط الجراح أن يكون بالغ الحدة وإلا لفشلت كل عملية . ومن هنا إعجابي و تمتعي بقراءة نصوصك ...). وهذا الطفل الأميركي المرعب يكون في واقعيته الحسية بل ما فوق الحسية كما لو أنه ألقى بقفازه بوجه كل ( حلوانية ) الفن الذين لاهم لهم غير تحلية الواقع أو دفعنا الى كراهية بعض مظاهره فقط. وقبل كل شيء أليس كونتين من أنجبه عالم أميركي ( آخر ) ، عالم همنغوي وميللر وفوكنر وغيرهم من الذين يطلقون مثل هذا الصراخ المدوي بوجه الرب والعالم ! فوزي كريم يعجبني كشاعر أيضا. كنت أقرأ ما كان يكتبه عن الموسيقى. وادهشني حقا ، ففي بغداد زماننا لم يكن هناك عشاق كثيرين للموسيقى الكلاسيكية. إلتقيت معه في لندن. كان من ضمن المشاركين في ندوة تلفزيونية عن غرافيك العالم الثالث. كان يقف أيضا في الجهة المناوئة لمغاوير الفن الكارتوني ... كلماتك عن القصتين منحتني قناعة ليست بالصغيرة. فأنا أكتب لحسن وأمثاله... 9 كانون الأول قرات في موقع ( أدب فن ) نصك الجميل حقا ( رأس أجداده...). أنا أجده الأجمل. أظنني قلت مرة عن فنيّتك في مزج الشعري بالسردي. هومزج ناتج عن دهاء ، فنحن نبقى غير عارفين الى النهاية : أهي إعترافات صرفة لل( هو ego ) أم لبطل مفترض قد ُشد ّ بأكثر من خيط بتلك الأنا...
11 كانون الأول كما قلت سابقا أجد أن رسائلك مرآة أمينة لقتالاتك اليومية... رغبتي قوية في أن ُتري بعضهم كيف على الفنان أن يكون صادقا مع نفسه والآخرين... وكما يقول سيوران : ليكف عن الكتابة وغيرها من يفتقد الجرأة... كتبت قليلا عن تارانتينو وقرأت نصوصا عن كافكا كما عملت بضعة تخطيطات ورسوم ، أرسل أثنين منها. بدت الحال وكأن الزخم أخذ يهبط تحت هاجس إنتظار مئات من الأيام الجديدة ، والحسرة على خسارة العدد نفسه ... بمكنتي تحوير كلمة إليوت وجعلها هكذا : بين تقويم سنوي وآخر تسقط ظلالنا الشاحبة التي أخذت تهزل وتهزل حين تبلع بصقات الزمن المسمومة...
13 كانون الأول
أموري ماشية ( نسبيا كالعادة ...). تدور شتى الأفكار في الرأس عن كتابات جديدة لا أعرف هل ستختمر ويبدأ النقر في الكومبيوتر ... عثرت على قصص لأحد أعزائي سوافومير مروجيك. لم أنشرها لغاية الآن. كانت تحتاج الى مراجعة وإكمال. وها هي الآن جاهزة للإستهلاك - طازجة مثل خبز باب الأغا لكنها ليست مثله ، فهي بلاش ! قضيت بعض الوقت مع الرسومات. واحد منها كان ماتيس ، معبودي منذ زمن الصبا ! ، قد مسك بيدي وأملى علي ّ التكوينات والألوان...

ليست هناك تعليقات: