الاثنين، 31 مارس 2008

رئة السينما






ظلّ الفيلم القصير رئة السينما المُخلصة, كلما أُطيح بها من خلال تعاقب موجات الأفلام التجارية الرخيصة هنا, وهناك, وظلّ النافذة الأكيدة, والأهمّ للولوج إلى عالم الشعر السينمائيّ, يمكنني أن أتجنى على السينما الروائية من خلال السينما القصيرة, حين أدّعيّ, بأنّ الفيلم القصير هو الاقرب إلى جوهر السينما الروحي, وهو أقرب الأشكال الإبداعية إلى الموسيقى, وبما أن نعمة مضامين الموسيقى تكمن في كونها مضامين حلمية قالبة للتأويل في شتى الجهات, يصبح الفيلم القصير الشكل السينمائي الأكثر قدرةً على الحلم, وعلى الإمساك بأوتار أوجاعنا السرية. واليوم, يكون الفيلم القصير قد تخلص من الكثير من القيود الإنتاجية, والهيمنة, مع خروج كلّ هذه الكاميرات الرقمية, وهو يُحقق, ويُنجز من خلال هذه الكاميرات الكثير من أحلام السينما الشابة, وحتى تلك التي ندعوها (محترفة), صارت تلتفت, وتخططّ بقوة لإستغلال هذه التقنية الرقمية, وبالفعل, مثلما شهدنا كيف أنجز واحدٌ من مؤسّسي حركة الدوغما(1995) الدنماركي (لا رس فون تريير) روائع سينمائية بهذه الكاميرات(الخفيفة), لا تقلّ روعةً, وأهميةً عن تحف السينما التي أهداها لنا شعراء السينما الكبار. ويبدو بأن هبة هذه الكاميرات الرقمية, منحت السينما القصيرة, قبل كل شيئ حرية التعبير بأقصى ما نتخيل, وحرّكت عجلة الإنتاج مثلما نشهد, كل هذه الأفلام القصيرة التي تُعرض في مهرجانات السينما في كافة أنحاء العالم, ومكنت سينمات ـ كانت قابعة في الظلام ـ من التحرك, والخروج إلى النور.

ليست هناك تعليقات: